فصل 1: مكالمة تقطع نومي
أنا سلمان، 32 سنة، ساكن في عمارة قديمة بحي هادي شمال الرياض، وأدير شقق العائلة بعد دوامي. ليلة خميس، الساعة تقارب 11:40، جوالي رن من رقم مجهول.
ردّيت: ألو؟
قالت بصوت ناعم لكنه متوتر: "هلا سلمان؟ أنا ضحى… المستأجرة الجديدة في الدور الثالث. لو سمحت، المكيف ما يبرد، والله ما أقدر أنام من الحر."
سكت شوي، قمت من على الكنبة، لبست شبشب، فتحت الدريشة. الهواء برا ساكن، والغبار خفيف، بس جوا البيت حر يقرّص. قلت: "أبشري، دقايق وأطلع لك."
فصل 2: أول نظرة
طلعت السلم ومعي شنطة الأدوات الصغيرة: مفك، فاحص كهرب، شطرطون. باب شقتها 3B، لون خشبي ورائحة بخور طيبة من تحت الباب. طرقت.
فتحت الباب، وظهرت ضحى. شعرها مربوط، عباءتها بسيطة، عيونها فيها قلق وشي من العناد. أشارت للصالون: "تفضل، المكيف هناك يصفر وما يبرد."
دخلت، نظفت يدي على كلينكس، وقفت تحت المكيف السبليت. الحر يطلع من فراغ الهواء كأنه يضحك علينا. مسكت الريموت: 18 مئوية، مروحة على أعلى شي… ولا فيه برودة.
فصل 3: حر… مو زي كل حر
قلت لها: "سيدة ضحى، سمعتي صوت فرقعة قبل ما يخرب؟"
هزت راسها: "قبل ساعة، كأنه النور طفى ورجع، بعدها المكيف صار يطلع هواء حار."
فتحت غطا الوحدة الداخلية. الفلتر نظيف، بس لمحت لمعة مو في مكانها. لمست النحاس، حار بزيادة. شي يقول إن المشكلة برّا، مو هنا.
قلت: "أبطلع للسكة أشوف الوحدة الخارجية." قالت بسرعة: "إذا تحتاج مفتاح السطح عندي نسخة."
وقفت عند الباب: "نسخة؟ من وين؟"
ابتسمت: "أنا أشتغل في إدارة ممتلكات… من جهة ثانية. متعودة على هالأمور."
فصل 4: سطح العمارة
طلعنا السطح. الليل ساكن، والصمت يطنّ كأنه مكيف عاطل. وحدات خارجية كثيرة على الصف، ووحدة شقة 3B واقفة كأنها مريضة. قربت، فحصت الأسلاك. هنا بدأت الريبة: سلك تغذية نحاسي متقشر بفعل فاعل، ومثبت بلصق رخيص.
ضحى قالت: "شكلها قديمة."
هززت رأسي: "لا. هذا شغل مستعجل، أحد لعب فيها قريب."
نزلت نظرتي على المفتاح القاطع (الدفلو). طافي. شغلته، سمعت صوت هسّة، بعدها طفى بسرعه. قفلت القاطع، وقلبي يقول: في أحد يحاول يخليك تصدّق إنها مشكلة قديمة… بس هي مشكلة جديدة.
فصل 5: علامة صغيرة
وأنا أشيّك، لمحت على هيكل الوحدة علامة قلم فلوماستر: نقطة حمراء صغيرة عند الغطاء البلاستيكي. ما كانت موجودة الأسبوع اللي فات لما أسّست الكهرباء بنفسي.
سألت ضحى: "أحد جا يصلّح لك شي اليوم قبل ما تتصلين؟"
قالت: "لا، وصلت الظهر، افتكيت من الدوام، رتبت كرتوني، المغرب نمت شوي، قمت على الحر."
قلت: "طيب." في داخلي سؤال ثاني: ليه الحر جاء فجأة كذا؟
فصل 6: القطار يفوت
نزلنا مرة ثانية للشقة. عطيتها خبر: "المشكلة خارجية، وأشك إن أحد لعب في القاطع. بحاول أصلّح الليلة مؤقت، وبكرة الصبح أجيب كهربائي معتمد."
قالت بابتسامة خفيفة فيها شكر: "الله يعافيك، ما ودي أزعجك بس والله ما أقدر أنام من الحر."
قلت وأنا أمسك المفك: "ولا يهمك."
قعدت أعمل جسر مؤقت بسلك بديل داخل العلبة، تأكدت من العزل، وشغلت. المكيف اشتغل، الهواء بدأ يبرد، وصوت مروحة الوحدة رجعت لنغمتها الطبيعية.
ضحى تنهدت: "اخيراً ارتحت!"
فصل 7: لحظة مربكة
سكتنا لحظة. أجواء تقول إن القصة رايحة باتجاه رومانسي من النوع اللي يتوقعه البعض… بس الحقيقة أبرد من كذا، أو يمكن أدفى.
قلت: "عندي سؤال غريب… الشقة هذه كان ساكنها قبل شاب متأخر عن الإيجار، طلع بسرعة. اليومين الأخيرة لاحظنا أشيا غريبة—إزعاج فجر، وكرتون يروح ويجي. إذا أحد متابع الشقة، ممكن يتعمد يخرب جهاز علشان يلقى وقت يدخل."
ضحى رفعت حاجبها: "تلمّح لي بشي؟"
قلت: "أبد لا، بس أحذر. وإذا في أي شي، قولي."
فصل 8: كوب شاهي
قالت: "تشرب شاهي؟"
قلت: "ما عليه أمر، بس بدون سكر."
دخلت المطبخ. صوت الركوة يطن، ورائحة نعناع طالعة. وأنا لحالي في الصالة، نظرت حولي: كراتين مفتوحة، مزهرية صغيرة على الطاولة، ومناديل مرمية، وصورة مؤطرة لبحر. قربت للصورة؛ لقيت على الحافة كلمة منقوشة: "الهدوء".
رجعت ضحى ومعها كوبين: "تفضّل."
أخذت رشفة. قلت: "وين كنتِ ساكنة قبل؟"
قالت: "جنوب الرياض، عمارة زحمة، أصوات مو بالطبيعة. حبيت هذا المكان لأنه هادي… إلا أن المكيف قرّر يعاند."
فصل 9: باب ينقز
فجأة، طرق الباب ثلاث طرقات سريعة، ووقف الصوت. أنا وضيخة الشاهي في يدي. ضحى نظرت لي. قلت بصوت منخفض: "تسمحين؟"
اقتربت من الباب وسألت: "مين؟"
جاء صوت خشن: "كهربائي العمارة. عندنا فحص."
ضحى قالت: "هالحين؟"
رد: "أوامر الإدارة."
أنا أشرت لها برأسي: "لا تفتحي."
قلت من داخل: "وش اسمك؟"
سكت ثانية، قال: "أبو فارس."
ابتسمت بدون ما أبان: أبو فارس فعلاً عامل كهرب عندنا… بس مو يجي بهالساعة.
فصل 10: اختبار بسيط
قلت: "أبو فارس… كم رقم عداد 3B؟"
ردّ بسرعة: "ثلاثة واحد سبعة."
ضحكت بيني وبين نفسي. الرقم الصحيح 318.
قلت لضحى بهمس: "مو هو. لا تردين."
سكت الباب شوي، بعدها سمعنا خطوات تبعد.
فصل 11: لعبة الظلال
ضحى همست: "من هذا؟"
قلت: "أحد يحاول يستغل الموقف. الظاهر إن في عيون على الشقة."
هي ما ارتبكت، لكن نظرتها تغيّرت: "أنا ما جيت هنا عشان أعيش خوف. إذا في مشكلة لازم نحلها."
قلت بثقة: "نحلها، بس بهدوء."
فصل 12: كاميرا صغيرة
طلعت من شنطتي كاميرا صغيرة تعمل على البطارية—تركيبها سريع. ثبتها في الممر مقابل الباب. ربطتها على شبكة واي فايها باسم مؤقت. عطيتها التطبيق.
قلت: "إذا أحد رجع، يصير عندنا سجل."
ضحى قالت وهي تقلب جوالها: "أنا بعد مركبة حساس حركة على الدريشة، عادة يفيدني. بس ما بلغني شي الليلة."
هززت راسي: "شكلهم حاطين عين على الباب مو على الشباك."
فصل 13: أول تسجيل
قبل ما أطلع، وصل إشعار من التطبيق. فيديو قصير: ظل شخص ينحني عند عتبة الباب، يقرّب شي صغير من أسفل الباب، ويقوم بسرعة.
فتحنا الباب بحذر، ما فيه أحد في الممر. تحت العتبة، لقيت بطاقة بلاستيكية صغيرة، زي بطاقة فندق رخيصة. مكتوب عليها بخربشة: "اتصل قبل ما ننزعج." ورقم.
ضحى ضغطت أسنانها: "منو يحسب نفسه؟"
قلت: "لا نتصل. ننتظر بكرة."
فصل 14: ليلة تستفز النوم
رجعت شقتي تحت، بس النوم صار فكرة بعيدة. حسيت الرطوبة تزيد والهدوء ثقيل. فتحت الدريشة، والهواء ساكن. الجوال رن. ضحى: "سلمان؟ آسفة، بس في ضوء حركة مر على الباب مرة ثانية."
طلعت بسرعة فوق. الشقة هادية. طمنتّها: "يمكن واحد فضولي من الجيران."
رمقتني بنظرة ثابتة: "الفضول ما يجي ومعه بطاقة تهديد."
فصل 15: خطة على السريع
قلت: "طيب، تسمحين لي أعلّق قطعة شطرطون على القاطع في السطح؟ إذا أحد طلع يطفّيه، بنعرف من دخل لأنها بتنقص."
ضحكت: "أنت مخك يشتغل مع الضغط."
قلت: "الضغط يخلّي الواحد يبدع."
طلعنا السطح مرة ثانية، علّقت الشطرطون على القاطع، ورجّعت الغطا بحذر. وأنا نازل، لمحت من طرف العين سيارة كوريلا واقفة عند باب العمارة، أنوارها طافية، لكن ظل شخصين فيها واضح.
فصل 16: صديق قديم
رجعت تحت واتصلت بصاحبي نواف، رجل أمن خاص سابق، خبرة في هالأمور. قلت: "تعال بكرة الصبح نفحص حوالين العمارة."
قال: "وش صاير؟"
قلت: "بنشرح بعدين، بس أبي عين خبيرة."
قال: "تم."
فصل 17: الصبح يجلي الغبار
بكرة الصبح جاب نواف قهوته وتعابيره الجادة. طلعنا السطح، الشطرطون منقص فعلاً—أحد فتح القاطع بالليل. نزلنا لصندوق الكهرباء العام عند المدخل، لقينا أثر مفك جديد على مسامير الغطا.
نواف قال: "هذا مو لعب عيال. في أحد يبي رسالة: ‘الشقة مو لكم’."
ضحى وصلت بنفس اللحظة ومعها علبة فطور بسيط. جلست على الدرَج، وقالت: "الرسالة وصلت، بس الرد بيكون أهدأ."
فصل 18: جار مُزعِج… أو مفتاح؟
جاء جارنا القديم أبو سطام، يحب يوقف ويهذر. قال: "وش عندكم؟"
قلت: "نفحص المكيفات."
غمز: "إيه إيه، المكيفات."
ضحى ابتسمت بحذر. أبو سطام فجأة قال: "ترى اللي كان ساكن في 3B قبلِك كان يروح ويجي معه كراتين نحاس. وكم مرة شفت شباب يطلعون السطح، وبعدها نسمع هسس من الوحدات."
نواف سأل بحياد: "وش كان يشتغل؟"
أبو سطام: "ما اعرف، بس سمعت خيط كلام عن نحاس ومبايعات."
فصل 19: خيط النحاس
رجعنا للوحدة الخارجية لشقة ضحى. فكّينا الغطا، لقينا قصّات دقيقة جداً في أنابيب النحاس القديمة، ومكان ملحم حديث، لكنه ملحوم لرديء. نواف تمتم: "في أحد كان يستخرج النحاس من الوحدات القديمة ويبيعها، وهذا أثر عبثه."
ضحى قالت بهدوء غريب: "يعني شغلة تجارة نحاس؟"
قلت: "غالباً. وأقوى احتمالات: يحاولون يخلونك تزهقين وتطلعين، ترجع الشقة لواحد منهم أو لتغطية أثر."
فصل 20: اتصال غير متوقع
جوال ضحى رن من رقم عادي. حطته على سبيكر: "نعم؟"
الصوت: "إذا خلصتِ لعب الأطفال، اتصلي. ما نبي مشاكل. أعطينا بس الشي اللي نبيه."
ضحى سألت: "وش تبي؟"
قال: "أنتِ تعرفين."
سلمان قاطع: "أنت منو؟"
قفل الخط.
فصل 21: اعتراف صغير
ضحى طالعَتني: "سلمان… يمكن لازم أقول. أنا مو بس مستأجرة. أنا كاتبة تحقيقات رقمية في منصة مستقلة. جايّة هنا لأن فيه ملف عن شبكة صغيرة تسرق النحاس وتستبدل وحدات وتزور فواتير. كلامي وصلني إن بعضهم يشتغلون في شركات صيانة ‘معتمدة’، ويتعاونون مع شخص داخل الأحياء."
سكتّ، بس داخلي انشدّ: "وليش قلتي لي من البداية؟"
قالت: "كنت أبي أتأكد إنك مو منهم. ليلة أمس تأكدت."
فصل 22: نرجع لنقطة الصفر
قلت: "طيب، ووش يبغون منك؟"
قالت: "يبغون اللي جمعته. أنا فعلاً عندي لقطات وتسجيلات من شقق ثانية تثبت أساليبهم. وحالياً يبون يضغطون عليّ حتّى أترك الموضوع."
قلت بجدية: "أنتِ هنا في عمارتنا، وأنا مسؤول قدّام الله. ما حد يهددك."
نواف ضم الكلام: "نركّب جرس باب بكاميرا، ونختم القاطع بقفل، ونبلغ الشرطة لو وصل التهديد للدخول. وننصب فخ."
فصل 23: فخ المكيف
سوينا خطة.
– أنا أصلّح الوحدة إصلاح جزئي يخليها تبرد لكن تبين للخبير أنها ‘قابلة للتلف’.
– نواف يراقب من السيارة قدّام الباب.
– ضحى تشغّل الكاميرات الداخلية والخارجية وتسوي نفسها طالعة مشوار العصر.
إذا أحد طلع السطح ولمس القاطع أو وحدة 3B، بنمسكه بصورة واضحة.
فصل 24: عصر الحرارة
العصر في الرياض مثل الفرن. الشمس تضرب في الجدران، والهواء ساكن. ضحى نزلت للتمشية مع شنطة صغيرة. أنا جلست في شقتي أراقب إشعارات الكاميرا. نواف أرسل: "في شخصين دخلوا العمارة، أحدهم شايل شنطة أدوات."
قلبت بين الكاميرات. الممر فاضي. بعد خمس دقايق، إشعار من كاميرا السطح: باب السطح انفتح، شخصين يلبسون قبعات، واحد منهم فعلاً أبو فارس، والثاني شاب نحيل. بدأوا عند وحدة 3B مباشرة.
أرسلت لنواف: "اثبت تصوير."
نواف: "مصوّر. ما نواجههم الآن، نحتاجهم يلمسون القاطع."
فصل 25: اللحظة الحاسمة
الولد النحيل طلع مفك، حاول يفتح غطاء القاطع. أبو فارس قال له: "سريع، قبل ما تنتبه."
انتبه لقطعة الشطرطون. تمتم: "في أحد يلعب علينا."
قربت الصورة. أبو فارس ناظر حوله، ثم فتح القاطع. في اللحظة هذه، أنا شغلت التسجيل من كاميرتين وزوايا مختلفة.
نواف كتب: "عنديهم."
بعد ثواني، أبو فارس قفل القاطع ورجع على الوحدة، فكّ الغطا، وحاول يفصل سلكاً.
نواف: "باقي قليل، ننزلهم."
فصل 26: مواجهة بلا صوت
اتصلت على ضحى: "الحين وقتك."
رجعت للعمارة بهدوء، وقفت عند باب السطح. فتحت الباب فجأة. أبو فارس انتفض، والولد النحيل سرّب السلك داخل القاعدة.
قلت: "مساء الخير يا مهندسين."
أبو فارس حاول يبتسم: "تفتيش روتيني."
نواف طلع من الدرج الثاني، بطاقة التعريف القديمة في جيبه، لكن حضوره كافي. قال: "وثائق التعاقد لو سمحت."
أبو فارس ارتبك: "المدير هو اللي قال."
ضحى طلعت جوالها وأظهرت فيديو مباشر: "عندنا تسجيل من بداية دخولكم، وعندي محادثات تثبت تهديد. تفضل، تتصل على ‘المدير’؟"
فصل 27: سقوط سريع
الولد النحيل فقد أعصابه: "أنا ما لي دخل!"
أبو فارس حاول يمسكه: "اسكت."
نواف كمل: "إما تكلمون بهدوء وتوضحون، أو نتصل الآن على 911 وكل شي يتوثّق."
أبو فارس قرر يرمى آخر ورقة: "يا جماعة، الموضوع بسيط، شوية نحاس رايح راجع، والحرارة هذه من الصيف."
ضحى قالت: "وهذه فاتورة مزورة بإسم ‘صيانة عاجلة’ صادرة من مؤسستك الأسبوع الماضي لشقة ما فيها أحد."
نواف همس لي: "هي جايّة جاهزة."
ابتسمت: "من البداية قالت إنها جاية جاهزة."
فصل 28: اتصال أخير
أبو فارس اتصل على شخص سماه "أبو طلال". كلامهم متوتر. بعد دقيقة قفل الخط وعيونه تهرب. نزل يده وسلم مفاتيح: "أنا غلطان. أعتذر. بس لا تودّونا في داهية."
ضحى قالت: "الاعتذار ما يكفي، الإرجاع يكفي."
نواف: "نحتاج أسماء وشركاء."
النحيل تكلم: "في اثنين غيرنا، واحد في حي مجاور، يبدّل وحدات مستعملة ويبيع النحاس القديم. يعطي عمولة لبعض الكهربائية."
سجلنا الأسماء، وكل شي في فيديو.
فصل 29: حر يبرد
نزلنا تحت. ضحى دخلت شقتها، شغلت المكيف، الهواء البارد ملأ المكان. جلست على الأرض تضحك بارتياح: "أخيراً بردنا."
أنا جلست على الكرسي الصغير، وقلبي هدي. اللحظة فيها توقعات ناس كثير إنها تنقلب لفيلم للكبار… بس الحقيقة أحلى: انتصار صامت، وبرودة هواء نظيفة، وشعور إنك ما خنت نفسك.
فصل 30: حدود واضحة
ضحى سألت: "ليش ساعدتني بهالسرعة؟"
قلت: "أولاً أنتِ في ذمتي كمؤجر، وثانيًا… ما أحب أحد يهدد أحد في بيتي."
ابتسمت: "وأنا كنت أختبر المكان قبل ما أستقر. مبسوطة إني اخترت هنا."
هزّيت رأسي: "البيت يتشرف فيك."
فصل 31: ليلة حلوة بلا مبالغة
جلست أرتب لها الريموت والجدول الزمني للصيانة، وشغلت وضع النوم. هي جابت ماء بارد وشكرتني. الجو صار ألطف، وريحة نعناع مع برد المكيف تقول: "ارتحنا."
قلت: "إذا أي شي، دقي في أي وقت."
ضحى: "مو شرط مكيف؟"
ضحكت: "حتى لو صرافة علقت."
فصل 32: يوم البلاغ
في اليوم اللي بعده، أنا ونواف وضحى رحنا المركز، سلّمنا تسجيلات، وأسماء. المحقق سأل أسئلة رتّبها بسرعة، وقال: "بتجيكم متابعة."
ضحى احتفظت بنسخها. وأنا ركبت قفل جديد لباب السطح. وأبو سطام مرّ وعلّق: "شفتم؟ قلت لكم نحاس."
ضحكنا.
فصل 33: رحلة ترتيب
الأسبوع اللي بعده، صارت شقتها أجمل. ستارة جديدة على الدريشة، سجادة بلون رمادي، ومكتبة صغيرة فيها كتب تحقيق وقصص.
مرّيت أسلّم، قالت: "تعال جرّب قهوة على الطريقة الحايلية."
جلست، تذوقت رشفة، قلت: "هذه تسوى الليلة ذيك كلها."
قالت وهي تضحك: "لا تبالغ."
قلت: "أبد، القهوة سلاح برد."
فصل 34: عنوان نصّاب… بقصد
بعد كم يوم، ضحى قالت: "كتبت عنوان لفيديو التحقيق: المستأجرة الجديدة تطلب من المسؤول يصلّح المكيف وتقول ‘ما أقدر أنام من الحر’."
قلت: "يا ليل العناوين!"
ضحكت: "العنوان يلمّع، بس المحتوى لازم نظيف. ما فيه لقطة تخدش، بس فيه حقائق تلسع."
قلت: "هذي سياسة."
قالت: "وهذا سبب إننا نخدع القارئ بالبداية… ونكسبه بالنهاية."
فصل 35: الجمهور يدخل
نزل التحقيق، بدون ذكر أسماء العمارة ولا الأشخاص بشكل يضر، بس فيه نماذج وفواتير ومسارات بيع نحاس وطرق تلاعب. صار ترند صغير، وجتنا اتصالات من ناس واجهوا نفس الشي.
واحد كتب: "صار لي كذا، خربوا مكيفي عشان أدفع صيانة زيادة."
ضحى ردّت بتوازن: "احفظوا فواتيركم، وصوروا أي عبث، وإبلغوا."
فصل 36: اتصال مريب… ثم اعتذار
جاء اتصال لضحى من رقم جديد: "أنتِ فضحتينا."
هي ردت: "أنت فضحت نفسك."
بعد ساعات، وصلتها رسالة اعتذار من رقم ثاني: "تم إيقاف 3 عمال عن الشغل والتحقيق جارٍ."
نواف قال: "أحياناً النور بس يطلع، والحرارة تهدى."
فصل 37: غيمة وبرد
جاءتنا ليلة مطر نادر. الرياض بوجه آخر. ضحى دقت: "سلمان، الموية دخلت من الدريشة شوي."
طلعت معها، ركّبنا شطرطون مقاوم، وضبطنا المسار.
جلست شوي أسمع صوت المطر، وهي تسكب شاهي. قلت: "تدرين، الحر ما كان كله من الجو."
سألت: "وش تقصد؟"
قلت: "القلق، الخوف، الضغط. إذا راحت… الواحد يبرد حتى لو المكيف تعبان."
ابتسمت: "كلام جميل."
فصل 38: عرض شراكة
وصلني إيميل من شركة صيانة محترمة: "نبي نتعاون معك في محتوى توعوي عن المكيفات وصيانتها الصحيحة."
ضحى قالت: "سوّها، وخذ حقك. بس لا تخليهم يسرقون اسمك."
قلت: "تعلمت الدرس."
فصل 39: رسالة للقارئ
كتبت مقال طويل في مدونة الحي: "قصة رومانسية سعودية طويلة… بس قلبها نظيف"، حكيت فيه كيف العناوين ممكن تلمّح لشي، لكن الجوهر أهم: كرامتك، بيتك، أمانك.
حطّيت عناوين واضحة:
– قصة تشويق وغموض في الرياض
– سلمان وضحى: من مكيف عطلان إلى كشف شبكة
– كيف تحمي بيتك من صيانة وهمية
القارئ قرأ، وتفاعل.
فصل 40: شرارة إعجاب
ما بين تصليح ومكالمات، صارت بيني وبين ضحى لغة مشتركة. هي تعرف تقول "لا" بأدب، وأنا أعرف متى أسكت. ما في دراما رخيصة، ولا لقطات تتعدّى الحدود. في احترام، وفي ضحكة خفيفة لما يبرد الجو فجأة.
قالت لي مرة: "لو رجع الحر؟"
قلت: "نرفع المروحة على High… ونشرب نعناع."
فصل 41: الماضي يطرق الباب
واحد من اللي انكشفوا حاول يرجع يتواصل مع ضحى، يعتذر ويبغى شغل عندنا. نواف قال: "خلوه يتوب بعيد."
ضحى قالت: "إذا تحب تبدأ من جديد، أرسل سيرة نظيفة، وخل الخطأ في الماضي. البيت هذا ما يحتمل خدع جديدة."
الرجل سكت. ما عاد سمعنا عنه.
فصل 42: شتاء آخر
مرّت أسابيع. جا الشتاء، والمكيف صار على وضع التدفئة أحياناً. ضحى رسلت: "سلمان، تحب قهوة ولا كاكاو؟"
قلت: "قهوة."
جلسنا في الصالة، ضو خافت، ومطر خفيف، وصوت بعيد للشارع. تكلمنا عن أحلام صغيرة: كتاب هي تبغى تكتبه، وتوسعة أنا أفكر فيها للشقق.
هي قالت: "إذا كتبت قصتنا، بتسميها وش؟"
قلت: "المستأجرة الجديدة والمكيف اللي كشف الحرامية."
ضحكت: "ما يصلح للسوشال."
قلت: "بس صادق."
فصل 43: عنواننا الكبير
قررت أكتب بصيغة قصة طويلة، وهذا عنوانها: "المستأجرة الجديدة تطلب مني أصلّح لها المكيف وتقول: ما أقدر أنام من الحر."
وبالداخل، كل شيء مرتب: فصول قصيرة، عناوين واضحة، كلمات مفتاحية في أماكنها، وتجربة قراءة تخلي القارئ ينسى إنه كان يظنها قصة للكبار، ويستوعب إنها قصة ‘للكبار’ فعلاً… بالوعي.
فصل 44: خواتيم صغيرة
– القاطع مقفول بقفل رسمي.
– كاميرات الممر صارت تشوف وتوثّق.
– أبو سطام صار يسولف أقل.
– نواف رجع لعمله لكن قال: "أي شي، كلمة."
– ضحى… صارت جزء من هدوء البيت.
فصل 45: جملة العودة
مرّة، وأنا طالع من عندها، وقفت عند الباب. قالت بابتسامة: "إذا سخّن الجو مرة ثانية…"
قلت: "أنا أول واحد أجي."
ردّت: "أدري."
أغلقت الباب، وبقيت الجملة تدفي صدري.
فصل 46: درس الحر
تعلمت إن ‘الحر’ مو بس درجة حرارة. الحر ضغط، تهديد، عنوان نصّاب. ولو جاك عنوان يكويك، لا تمشي معه للآخر بدون عقل. اسأل، وثّق، وحافظ على بيتك.
ضحى علمتني ذا الدرس بطريقة جميلة… بدون ما تجرّني لمشهد ما له داعي، ولا افرطت في التلميحات. بس خلتني أفهم.
فصل 47: للقارئ اللي وصل للنهاية
لو كنت تقرأ عشان تتوقع النهاية تصير مشهد للكبار، فأنا أقول: الكبير الحقيقي هو اللي يحمي نفسه وبيته وقصته.
وهذه كانت قصتي أنا سلمان، مع ضحى والمكيف والحر اللي انكسر. وكل مرة تذكرت ليلة الخميس، سمعت صوتها: "ما أقدر أنام من الحر." وأبتسم، لأن البرد اللي جاء بعدها كان أصدق برد مرّ على قلبي.